الثلاثاء، 29 أبريل 2008

شرب الخرروب في فنون الهروب





شرب الخروب في فنون الهروب



الهروب من الهروب



لأن الحياة مقلب كبير

ولان الدنيا اكبر خازوق أخذه أغلب البشر


ولان إنهاء الحياة أمر لا يملكه أحد

كما أن تفصيل الحياة على أمزجتنا أمر غاية في الصعوبة


لجأ البشر من قديم الزمان إلى الهروب من هذا الخازوق وهذا المقلب الكبير


والهروب هو الوسيلة الأسهل على الإنسان من إجراءات أخرى اكثر صعوبة

مثل التكيف أو التعايش أو (والشر بره وبعيد ) التغيير


والهروب هو الوسيلة الأكثر شيوعا عند البشر


والهروب فنون


لكل شعب طريقته في الهروب

ولكل عصر أسلوبه

ولكل شريحة من المجتمع لونها المفضل في الهروب

ولكل مشكلة أو ضغط نفسي له نوعه من الهروب المخصص له


هناك الهروب الحلال

وهناك الهروب الحرام


هناك الهروب المحترم

وهناك الهروب الخسيس


هناك الهروب من المشكلات وهناك الهروب من الهروب



دعنا نرصد فى السطور القادمة (كيف يهرب الإنسان )



هناك هروب المليونيرات او الأثرياء


وهو أسرع وسيلة للهروب على الإطلاق وهو (الانتحار )
وهو الوسيلة الوحيدة التي لا تراجع فيها

ينتشر بكثرة في المجتمعات التي يزداد فيها المادة والثروة ويقل أو ينعدم الإيمان بالله


وهناك الهروب إلى العمل أو الشغل


وهى الطريقة الأكثر شيوعا للمتزوجين واصحاب الأسر واصحاب الضغوط العائلية والاخفاقات العاطفية

وهى حالة من إدمان العمل وقضاء ساعات كثيرة فيه والانهماك في تفاصيله والانشغال العقلي والنفسي الكامل به


ويلجا أيضا كثير من رجال العمال إلى هذه النوع من الهروب محاولة للهروب من الفشل في باقي جوانب حياتهم المختلفة كالعائلة

أو محاولة للهروب من ضمائرهم التى أرهقوها وخالفوها كثيرا فى جمع أموالهم



أما وسائل هروب الطلاب الشائعة فهي معروفة لكل من مر بهذه المرحلة


يبدأ احتياج الطالب في الهروب مع قرب الامتحانات
ويختلف الطلاب في اختيارهم لنوع الهروب المفضل
هناك من يشعر بهجمات أو نوبات نوم شرسة تجعله ينام (عمال على بطال)

ويحطم الكثير من الطلاب أرقاما قياسية من النوم المتواصل قبيل الامتحانات تصل ل 12 ساعة عند البعض


وينام( الطالب من دول ) كثيرا أثناء النهار محاولاً إقناع نفسه انه كان سهران طول الليل

ليكتشف انه قد خدع نفسه وان إجمالي حصيلة مذاكرته لا تتعدى الثلاث ساعات وبدون تركيز(خاصة مع التوقيت الصيفي الذي يقلص فترة الليل)


أما طلاب الفرقة الرابعة

فلديهم نوع لذيد من الهروب وهو التفكير المستمر في الزواج وهو ما كنا نسميه ونحن طلاب (شوطة الجواز)


وينتاب الطالب هذا الشعور بمناسبة قرب انتهاء أكبر سبب كان يمنعه لخوض هذه التجربة وهو الدراسة


إلا أن نوعا آخر من الهروب الغير لذيذ بالمرة ينتاب طلاب الفرقة الرابعةوهو التفكير في المستقبل والبطالة المنوحشة التى سيواجهها هذا الطالب بعد التخرج

ولا داعي للغرابة عندما تجد الطالب (ربنا يفتح عليه) بعشرات الأفكار النيرة والألمعية للعمل بعد التخرج طالما انه سيهرب بهذه الأفكار من كابوس مذاكرة 15 كتاب على مذكرة


أما طلاب الفرق الأولى والثانية


فيحلو فجأة فى أعينهم الكتب الخارجية وتتحرك ضمائرهم نحو الاهتمام بالثقافة العامة والمتخصصة

ويا حبذا لو زيارة معرض أو اثنين من معارض الكتب والتي يحرص الطالب على زيارتها وقضاء( ييجي 3 ساعات ) في رحايها الطيبة ولا تكاد تجد لذة وتركيز واستمتاع بالقراءة اكثر منه في فترة قبيل الامتحانات


لدرجة أن يشتاق الطالب لبدأ الإجازة ليلتهم بعض الكتب التي اشتراها خصيصا للقراءة في الإجازة والتي غالبا لا يراها مرة ثانية إلا في نفس التوقيت من كل تيرم


أما الغير مهتمين بالثقافة

فيفاجأ بان علاقاته العاطفية قد تحسنت إلى حد كبير

وان عقدة لسانه قد فكت

وصار شاعرا ورومانسيا كبيرا (مع الحته الحلوة بتاعته )كما أن( الحته الحلوة بتاعته ) اللى كانت (مطنشاه ومش مدياه ريق حلو )تبدا تلين وترق إليه (لانها الاخرى بدأ معها موسوم الهروب )ويهرب كليهما(الطالب والحته الحلوة بتاعته )

الى كبائن ميناتل او تحويل الرصيد المستمر من زيرو حشرة او شركة ام منبيل للاستمتاع باوقات عاطفية نادرة ولذيذة لا تكاد تكرر الا فى نفس التوقيت من التيرم


اما عامة الطلاب


فتشهد ساحات البليستيشن ومقاهى الانترنت مسرحا كبيرا للهروب

فتمتلأ المنتديات اللي كانت( بتهوى على نفسها طوال العام )وتعمر غرف الدردشة بينما يفجر البلايستيشن مواهبا مدفونة وطاقات جبارة لدى ابناءنا الطلاب


آما الآنسات الأمامير (جمع أمورة )

اللاتي يهاجم تفكيرهن شبح العنوسة (مش قلة حلاوة منهم والله لكن قلة رجالة )فيكون العمل والبحث عن وظيفة وعمل المقابلات الشخصية واعداد السفيهات(جمع CV )

مسكنا كبيرا يبعد شبح الأنوثة عن أذهانهن

كما أن مباركة ماما تدفع وتشجع البنت ( اللي قعدتها فى البيت ركنة )أما طلوعها برة خير محدش عارف يمكن ابن الحلال يشوفها رايحة مقابلة لشركة أو جاية من مقابلة في شركة واهو نصيب يا بنتي


بينما تمثل مراكز تعليم اللغات والكمبيوتر منتدى عاما للهاربين من الجنسين


الأولاد الهاربين من شبح البطالة والذين اقنعوا أنفسهم تماما أن باجتياز الرخصة الدولية لقيادة الحمير أو ما يسمى IDDLهي الفرصة الأكبر للعمل في مصر والدول العربية


والبنات الراجيات (العتور) فى ابن الحلال (أنا شخصيا أشجع جدا هذا النوع من الهروب المحترم )



أنا شخصيا مارست ألوانا من الهروب اعتقد أن الكثير يشاركني في بعضه


عندما تشتد الأزمات الداخلية فى المنزل الذى يتحول في أعلب الاحيان إلى فرع من السرايا الصفرا اهرب وبقوة إلى العمل المتواصل والذي يصل إلى 14 ساعة عمل يوميا
بعد فترة ومع الركود الاقتصادي والروتين المتعفن في هذه البلدة اللي يوقف المراكب السايرة وبمساعدة أولاد الحلال (الداخلية)


يبدا الفتور ينتابني من العمل المستمر

لابدأ أنا في هروب جديد الهروب إلى النوم وبكثرةوبعمق وبقوة


أياما وأمل من هذا النوع من الهروب الكائن في أول غرفة شمال في شقتنا وهى غرفتي الخاصة

لينتقل مقر الهروب إلى الصالة حيث اكثر من 240 قناة على قمري النايل سات والعرب ساتلتبدا الدراما المصرية والسورية تلعب الدور الأكبر للهروب من واقع الحياة الكئيب إلى أحداث هذه المسلسلات الممتعة التي تجعلك تعيش في عبق الماضي وأيام الزمن الجميل بعد فترة من متابعة بعض المسلسلات الممتعة مثل (حديث الصباح والمساء – رأفت الهجان – ليالي الحلمية – باب الحارة

لاحظت أن هذا النوع من الهروب مؤلم وله آثار جانبية مش حلوةوهو المرارة القاسية التي أفيق عليها بعد غفلة ساعة أو اكثر مع أبطال المسلسل لاكتشف أن شيئا مما كنت اعيش فيه لم يكن ولن يكن وان الواقع مرير


لهذا عدلت هذا النوع من الهروب
نعم (أفلام الرعب والخيال العلمي )إن الشعور الذي سأشعر به عند متابعة هذا اللون من الدراما من خوف وقلق وهلع ونكد سوف يتلاشى ويتبدد عقب انتهاء الفيلم من دول لآخذ نفسا عميقا عقب انتهاء الفيلم و أقول ياااهالحمد لله انه كان فيلمويحل على شعور آخر جميل ومطمئن واحساس بالسعادة(إني ممتش من الوحش العملاق في الفيلم )


قناة MBC2 شاركت بمجهود رائع ومشكور لمساعدتي في هذا النوع من الهروب المفتكسإلا أنى احب أن اوجه الشكر إلى الكاتب والأديب الكبير أنيس منصور صاحب كتاب (أرواح وأشباح)حيث كان كتابه جرعة مساعدة مع أفلام الرعب


إلا أنى بعد فترة أدمنت هذا النوع من الهروب وفقدت تأثيره الهروبي على حفظت اغلب أفلام الرعبأتستطيع التنبؤ بأحداث الفيلم قبل أن يبدأانتهيت من قراءة اغلب كتب القصص المرعبة المباعة عند ( عم خليل بتاع الجرايد اللى على أول الشارع )


لذلك وجب على وفورا إيجاد نوع آخر من الهروب المفتكس خاصة وأنى جربت أنواع الهروب التقليدية الكلاسيكية


ثمة نوعين محترمين ومبتكرين من الهروب توصلت إليهما قريبا


سأذكرهما آخر مقالتي (اللى مش عاوزة تخلص)



المصريون هم اكثر شعتوب الارض ممارسة للهروب

ظروف حياتهم اليومية وظروف حكومتهم الجأتهم الى ذلك


لا ينكر أحد دور الحكومة في مساعدة الشعب المسكين على الهروب


وللحكومة المصرية تجارب رائدة في مساعدة الشعوب على الهروب




  • إن زراعة مئات الأفدنة من ارض سيناء بالحشيش والماريجواناوتسهيل استيراد أنواع جديدة من البودرة وبرشام الخيال العلمي التي لم تعد تحوق في أم أدمغة هذا الشعب الحديدي المصفح
    لم تعد هذه التسهيلات بالزراعة والاستيراد مجدية الان ولم تعد تسد حاجة هذا الشعب على الهروب
    وبدأت إبداعات الحكومة المصرية تتوالى



  • فكرة بطاقات التموين أو مهزلة بطاقات التموين التي تستدعى عمل بطاقة رقم قومي بسبعة جنيه ونصكانت إحدى الأفكار البديعة للحكومة في وسائل الهروب
    واقسم بالله العظيم أنى رأيت وشاهدت وعاينت بنفسي مبيت الناس والعجائز والمرضى أمام السجقات المدنية (على راى عوكل ) فى عز برد الشتاء على الرصيف انتظارا لفتح السجل المدني ليكونوا اول المتقدمينورأيت طوابير تصل والله العظيم لاثنين كيلو متر
    برغم اعتبار البعض أن هذه الطوابير مهزلة إلا اننى اعتبرها من إحدى وسائل الهروب



  • طوابير العيش أيضا لا شك انها وسيلة مدروسة لمساعدة الشعب على الهروب
    فقضاء المواطن عدة أسابيع أمام الطابور من دول نوعا من تغيير الجوكما أن للطوابير ميزة أخرى لم يلتفت إليها أحدالطوابير لها بعد اجتماعي إن الطوابير فرصة ممتازة ليعيد المواطن علاقته لجيرانه وأصدقاء منطقته بل هي فرصة ليتعود هذا الشعب على التعايش والتلاحم والتحابب


ثمة معانى تربوية أيضا تريد ان توصلها الحكومة للشعب عبر الطوابير كوسيلة تربوية


وهى ان ينقطع الإنسان عن دنياه وأولاده وعائلته ومشاكله وكل البلاوي اللي في الدنيا


واهى فرصة ليحاسب الإنسان نفسه ويندم على أخطاء الماضي ويجدد عزمه وعهده مع الله ويعيد التفكير في حياته من جديد



كما أن الطوابير لها دور في التربية الجهادية والعسكرية للمواطنين


وقوف المواطن ساعات وأيام طويلة تحت أشعة الشمس وأمام حرارة الفرن وفى وسط رائحة العرق المنبعثة من إبط المواطنين زملائه نوع من التعود على الخشونة وكما قال واحد صاحبي (اخشوشنوا فان النعمة قد لا تدوم )



حتى موضوع التوريث ما هو إلا موضوع اختلقته الحكومة محاولة أن نهرب فيها من مشاكلنا (لكن ما بيطمرش فينا )
شوفت بقى إحنا كنا ظالمين الحكومة قد اد إيه



أخيرا سأعلن امام حضراتكم عن أحدث وسائل الهروب
(الفجوة) !!!!!!!!!!!!!!



وهى احدث أنواع الهروب فهو الهروب من الهروب نفسه لأن بعد فترة يمل الإنسان من وسائل الهروب المتعددة فيلجا إلى وسيلة ممتازة ليهرب فيها من الهروب نفسه



وهى فجوة عبر الزمان والمكان بمعنى هي منطقة غير موجودة في الزمن يعنى لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبلوكمان فجوة عبر المكان يعنى مش موجودة في حتة



(آه بدينا الجنان )
لا والله الصبر شويه
الفجوة دى أهم حاجة فيها ان اللي يدخلها لن يشعر بأية مشاكل على الإطلاق لان ببساطة مفيش حاجة أصلا عشان تعمل مشاكل



أنا عارف ان الموضوع صعب جبتين لكمن سأحاول التوضيح



يعنى يا بطل مفيش مشكلة امتحانات لان مفيش أصلا تعليم
ومفيش مشكلة بطالة لان مفيش حاجة اسمها شغل أصلا
ومفيش أزمات اقتصادية لان مفيش فلوس أصلا ولا حد يعرفها ولا يتعامل معها
ومفيش أكل لان مفيش جوع
ومفيش عكننة مراتك ولا قرف جوزك لان مفيش جواز أصلا
ومفيش مشكلة حكومة لان مفيش ريس
ومفيش جمال لان مفيش مبارك أساسا
يعنى مفيش حاجة أصلا علشان يتعمل عليها مشكلة
فقط حالة من السلاموالوئام والسكينة والراحة

الفجوة دى موجودة داخل كل عقل بشري ؟!!يا بخت اللي يوصلها
لكن مشكلة صغير أو ضريبة بسيطةاللي يوصل للفجوة دى بيتغير شويتين ؟؟؟؟؟
يعنى محدش يتخض !!!!!!!!!!!1
تقريبا بيتقال عنه انه مجنون



لكن دا كلام الناس المجانين اللي مش فاهمين ومش حاسبين بالنعيم اللي هم فيه
أما العقلاء اللي زيينا فعارفين إنها الفجوة


أو الهروب من الهروب


أما الوسيلة الثانية ففي مقالة تالية ان شاء الله

هناك 3 تعليقات:

mostafa rayan يقول...

والله كلام موزون ويستحق التفكير
خصوصا اننا كلنا بنطبقه بأشكال مختلفة
تحياتي لك
ارجو منك حذف تأكيد الكلمة من التعليقات

mostafa rayan يقول...

في سابقة لا تحدث كثيرا قرأت مدونتك كلها
انت اسلوبك ساخر لكنه موجع وبيمس الجرح
تحياتي لك

semsem111 يقول...

الطبيعى ان ارقع اول زغرودة لاول تعليق على هذه المدونة حدسثة الولادة

ومن الجميل فعلا ان يكون مصطفى ريان هو من يكتب اولى التعليقات على مدونتنا المصون
اشكرك جدا يا مصطفى بيه

واشكرك اكثر على جبر الخاطر والكلمات الطيبة منك
لكن قراءة مدونة كاملة صارت لك سابقة لا تتكرر لماذا
هل لانك مشغول
او انك تمل من القراءة
او لان المدونات صار اكثرهل لخبطة وعك
ام جميع ما سبق